قُوبلت كلمة القائد العام للجيش الوطني الليبي، المشير خليفة حفتر، الأخيرة بردود فعل مرحبة، إذ دعا فيها إلى تشكيل "لجنة عليا" تتولّى ترتيبات توزيع إيرادات النفط بشكل عادل على جميع المناطق.
اقتراحات حفتر
خلال لقائه قيادات عسكرية وأمنية، الإثنين، فنَّد حفتر أحوال الدولة اقتصاديا، وقدّم اقتراحا لضبطها، قائلا:
مصرف ليبيا المركزي في طرابلس ارتكب جرائم في الاعتمادات المستندية، وأعلن أرقاما صادمة؛ إذ إن إنفاق الحكومة بلغ 122 مليار دينار في حين بلغت الإيرادات النفطية 135 مليار دينار.
بيانات المصرف تفيد بأن الاعتمادات المستندية لعام 2022 جرى توزيعها على 1646 شركة، كان نصيب المنطقة الشرقية منها 7 بالمئة، ولم تتحصّل المنطقة الجنوبية إلا على 2 بالمئة.
تقارير ديوان المحاسبة والرقابة الإدارية في طرابلس تشير إلى العبث بمقدرات الشعب بأكثر من 200 مليار دينار دون أي استفادة.
مطلوب تشكيل لجنة عليا للترتيبات المالية لتوزيع الإيرادات بطريقة عادلة بين كل البلديات.
الحكومة في الشرق ترحِّب
مؤيدا لمقترح المشير حفتر، حثَّ نائب رئيس الحكومة المكلفة من مجلس النواب (ومقرها في الشرق)، علي فرج القطراني، في بيان الثلاثاء، على "التفكير بجدية في كيفيّة الوصول لاتفاق بشأن عدالة توزيع الثروة والدخل".
حذَّر القطراني من أن احتكار قوى سياسية لموارد البلاد، و"تهميش" مناطق وطبقات اجتماعية سيدفعان بها إلى "التعبير عن إرادتها ومصالحها خارج الإطار القانوني والمجتمعي".
أكد ترحيب الحكومة بتصريح حفتر حول توزيع الثروة، و"إعطاء كل منطقة ومدينة ليبية ما تستحقه"، منوها بإيضاحاته بخصوص "حجم الفساد الممنهج".
في ذلك، اعتبر القطراني أن تشكيل لجنة عليا لتوزيع الثروة بطريقة "عادلة"، يتفق مع أحكام المادة 8 من الإعلان الدستوري المؤقت، التي نصت على أن تضمن الدولة تكافؤ الفرص، وعدالة توزيع الثروة الوطنية.
تتكوّن ليبيا إداريا من 3 مناطق، هي المنطقة الشرقية والمنطقة الغربية والمنطقة الجنوبية، والشرقية والجنوبية تشكوان مما تسميانه بالتهميش ومن "تحكّم" الغربية في الثروة النفطية التي هي المصدر الرئيسي للدخل.
في يونيو، هدّدت الحكومة في شرق ليبيا في بيان بـ"رفع الراية الحمراء"، عبر فرض حصار على صادرات النفط والغاز، بسبب ما اعتبرته احتكار حكومة طرابلس لعوائدها.
استندت كلمة حفتر إلى 4 عوامل، حسب تحليل الباحث السياسي الليبي محمد قشوط، وهي:
العامل الاجتماعي، بحديثه عن وضع الليبيين بعد أن بات الأغلبية تحت خط الفقر، وحُرمت مناطق من التطوير.
العامل الاقتصادي؛ حيث استعرض بالأرقام حجم الفساد الذي يستنزف قدرات الدولة على يد المسيطرين على القرار في طرابلس، واحتكار مجموعة معينة المال العام.
العامل السياسي، وهو ما يخص تأثير حالة الانسداد التي تعيشها البلاد وغموض مستقبل الانتخابات المفترضة.
العامل الدولي، وجّه فيه المشير رسائل تؤكد على سيادة ليبيا، وضرورة أن يحترمها سفراء بعض الدول، ورفضه لطلب لعب دور "الحارس" في أزمة تدفقات الهجرة غير الشرعية.
في ضوء ما سبق، يشدد قشوط على أن إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية "مطلب ملح لتفادي اختيارات أخرى أكثر صعوبة".
غياب التخطيط المنهجي
قال أحمد محمد، الأستاذ بجامعة طرابلس إن غياب عدالة توزيع الثروات في ليبيا يعود إلى أمر مسلَّم به لدى المسيطرين على القرار في طرابس، وهو عجز المناطق المهمّشة والمنتجة للنفط عن المطالبة بحقوقها لعوامل ديمغرافية وسياسية واجتماعية.
إضافة لذلك، يواصل محمد، توجد أزمة مزمنة، وهي غياب إقرار الموازنة الحكومية منذ 9 سنوات؛ وبالتالي "لا توجد أي حسابات ختامية يمكن بها تفعيل آليات المحاسبية والمسؤولية".
أما التقارير الشهرية حول المصروفات وأوجه الإنفاق التي تصدرها بعض الأجهزة، فلا تتجاوز كونها "محاولات ركيكة" لم تمر على مراجع محايد، وفق تعبيره، مضيفا أنها مع ذلك أماطت اللثام عن انحراف غير مسبوق في توزيع العوائد النفطية.
نقلاعن سكاي نيوز عربية