زووم الصحراء.. قانون حماية المرأة.. هل يخرج من التدافع..؟

المصدر: الصحراء

من جديد يعود النقاش ساخنا حول مشروع قانون لحماية المرأة والفتاة الذي أعلنت الحكومة استئناف مسار طرحه للاعتماد، ليتجدد التدافع بين من يراه ضروريا لسد ثغرات جدية في التشريع الوطني، ومن لايرى فيه غير استيراد لتشريع أسسه الحاكمة مناهضة لمرجعيتنا التشريعية وخصوصيتنا الثقافية والاجتماعية.

في زوم الصحراء هذا الأسبوع نستعيد مسار القانون المطروح في التداول منذ سنوات، مستحضرين حجج أطراف التدافع، ومستشرفين آفاقه بين يدي دورة تشريعية يرجح أن يكون أحد أهم وأسخن مواضيعها.

 

ما قبل التشريع..
يعود أساس قوانين حماية المرأة وتمكينها لمنتصف تسعينات القرن الماضي حين أقرت الأمم المتحدة في مؤتمر مشهود، عرف بمؤتمر ابيكين مجموعة اتفاقيات مقررة للحقوق الأساسية للمرأة؛ ملزمة الدول الأعضاء بموائمة تشريعاتها المحلية مع تلك الاتفاقيات. 

وبرغم تسجيل أغلب دول العالم الاسلامي- ومنها بلادنا- تحفظات في المواد المخالفة لديننا الحنيف بيد أن قطار التشريع انطلق بوتيرة ظلت تتسارع برغم ما تحدث من جدل هنا وهناك.
وبالنسبة لموريتانيا فقد دخلت "مقاربة النوع" أغلب المجالات وباتت محل اهتمام ومتابعة من الشركاء في التنمية منذ نهاية التسعينات وبشكل خاص مع مطلع الألفية.
وتمكن الاشارة هنا بشكل محدد إلى:
✔️ اعتماد مدونة للأحوال الشخصية لأول مرة في تاريخ البلد حددت سن الزواج وضبطت الكثير من أمور الأسرة.
✔️ تبني عدة استراتيجيات لترقية المرأة والطفل، ولمحاربة الكثير من الممارسات والمسلكيات المصنفة ضارة.
✔️ إدماج برامج الصحة الإنجابية والثقافة الجنسية ضمن برامج التعليم والإعلام على نطاق واسع.

 

مسار التشريع..
بدأ الحديث في دهاليز القضاء وهيئات المجتمع المدني المهتمة عن قانون للنوع مع بداية العشرية الثانية من الألفية 2012 بيد أن مشروع القانون لم يطرح للتداول إلا :
✔️ في مفتتح العام 2018 حيث صاحبت طرحه لأول مرة نقاشات صاخبة داخل البرلمان وخارجه انتهت بقرار حكومي بسحب المشروع في نهاية المأمورية الثانية للرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز.
✔️ وللمرة الثانية وهذه المرة في عهد الرئيس الحالي محمد ولد الشيخ الغزواني تحديدا في العام 2020 طرحت نسخة جديدة معدلة من القانون تفادت تسميته بقانون النوع؛ وأخذت بعين الاعتبار الملاحظات المقدمة على النسخة الأولى وفق تصريحات الناطق باسم الحكومة يومها.
ومجددا عاد النقاش بقوة حتى قبل أن يصل المشروع للبرلمان فكانت النتيجة "تجميد " مسار إحالته للغرفة التشريعية.

 

الكرة الثالثة..
الآن وقبيل الدورة البرلمانية الثانية للبرلمان الجديد شرعت الحكومة في ورشات تشاورية لإعادة طرح المشروع للتداول ومن بعد الاعتماد.
وفيما يشبه مشهدا معادا من المرات السابقة: 
☑️ غلب على الساحة الحقوقية وناشطات العمل النسوي الترحيب بالمشروع والتعبير عن الرغبة العارمة في اعتماده هذه المرة.
☑️ وهيمن على الساحة الدينية خطاب محافظ يستنكر المشروع ويجدد المطالبة بسحبه.
☑️ وبين الحالتين ظهر خطاب رسمي يسعى لإظهار صرامة في تمرير القانون؛ لكنه حريص على طمأنة معارضيه أن القانون لم يعد كما كان؛ فقد تم اعتماده من هيئة الفتوى والمظالم، كما أنه سيخضع لمراجعة من هيئة العلماء.
بالنسبة الحكومة ومناصري القانون الذي استبدل كلمة النوع المثيرة بمفردة الكرامة:
✅ مشروع القانون ضروري لحماية المرأة من الكثير من الجرائم التي لا تبويب عليها في القانون الجنائي؛ ومن أبرزها: جرائم الاغتصاب؛ ومحاولته؛ وزنى المحارم؛ والتحرش.
✅ وهو ضروري أيضا لوضع الأسس القانونية والإدارية والمالية للتكفل بضحايا العنف من النساء والفتيات.
✅ كما أنه يكرس مستوى متقدما من الشراكة بين المجتمع المدني والجهات المعنية بالاستراتيجيات التي ستطبق لاحقا.

أما بالنسبة لمعارضيه في الجبهة المحافظة فالقانون ضار لأنه :
✅ يهد أسس استقرار الأسرة ويحولها بؤرة صراع، وهي التي أرادها ديننا الحنيف عش سكن وحضن سكينه.
✅ يعتدي على مجال اختصاص قوانين أخرى قائمة، ويعود عليها بالإبطال.
✅ يقحم منظمات المجتمع المدني في مجال غير مجالها؛ وينذر بتفاقم حالة عدم الاستقرار الأسرى التي تعكس التقارير مستويات متزايدة من توتر وضعها.

 

هل إلى توافق من سبيل؟
ومع اقتراب الدورة البرلمانية؛ ولأنها المرة الثالثة التي يطرح خلالها المشروع؛ يرجح متابعون أن تشهد الأيام القادمة بحثا عن صيغ توافقية تضمن:
☑️ للحكومة اعتماد مشروع قانون تعتبره مهما ،سواء بحكم التزاماتها الدولية؛ أو تقديراتها للحاجة التشريعية.
☑️ وللجبهة المحافظة تضمين القانون ما يحول دون اعتباره مدخلا لما يعتقدون أنه مسارا مضرا بالأسرة والمجتمع واستقرارهما.

سبت, 30/09/2023 - 13:59