اطفال غزة.. دون كل اطفال العالم

اسيا العتروس

تمراليوم اربعون يوما على القصف الهمجي للاحتلال الاسرائيلي على غزة وساعترف بان اطفال غزة و اطفال فلسطين عموما مختلفون عن كل اطفال العالم في قدرتهم على الصبر و الجلد و التحمل في مواجهات ما لا تقدر جبال على مواجهته …اطفال غزة رضعوا عن الامهات و الجدات سر الحياة و البقاء و التمرد على كل اسباب الفناء …اطفال غزة بمقاومتهم اليومية الباسلة لمحاولات استهدافهم و ابادتهم يرسمون للعالم اروع الملاحم التي قد تعجز عن رسمها ريشة الفنان او قريحة الشاعر ..وهم بكلماتهم و شهاداتهم التلقائية يقدمون للعالم دروسا في الحياة لم يسبقها اليهم اكبر الفلاسفة و المفكرين …لهذه الاسباب و غيرها ايضا لا يتورع الاحتلال عن استهداف اطفال غزة في المدراس و المستشفيات و حتى الاجنة في الارحام ..اطفال غزة يرعبون الاحتلال رغم كل ما يتوفر له من سلاح و من ترسانة عسكرية و من مدرعات و مقاتلات وقبة حديدية و قنابل و كل اسباب الابادة ..و قواته المتخفية خلف دروعها المحصنة تخشى هؤلاء الاطفال و لا تقوى على مواجهتم ..اطفال غزة و اطفال فلسطين هم عنوان بناء المستقبل و عنوان الحياة و عنوان مواصلة المعركة لاستعادة الارض و الدفاع عن العرض ..اطفال غزة يرعبون الاحتلال و لهذا السبب ايضا يوجه جنود الاحتلال سلاحهم الى المدارس الجامعات و لهذا يستهدفون التلاميذ و المعلمين و و المعلمات والطلبة و هم يعتقدون انهم بذلك يمنعونهم من المعرفة و يدفعون بهم الى الجهل و الضياع و الافلاس و التشتت وصولا الى التخلي عن الارض و الحق ..
اطفال غزة الذين يستهدفهم الاحتلال يحملون في جيناتهم سر الحياة و الحلم المتوارث جيلا بعد جيل ..حتى اذا ما قتل احدثهم استمر الحلم ..
اطفال غزة و كل اطفال فلسطين الذين خبروا كل انواع المظالم والمحن قبل حتى ان يحلوا بهذا العالم يولدون و قد تحصنوا بقوة ارادة و صلابة يعجز اللسان عن فهمها …و لعل الطبيعة منحتهم مناعة خاصة تجعلهم ثابتون أمام كل المحن و الاختبارات استمعت لاغلب الرسائل التي جاءت على لسان الاطفال في غزة و لم اسمع يبكي طلبا للطعام او يبكي من اجل قطعة حلوى او أي شيء يسعد الاطفال …
اطفال غزة و اطفال فلسطين ليسوا ككل الاطفال الاكيد ان الحياة اجبرتهم ان يكونوا كذلك .اطفال غزة يقفون في الطوابير ساعات طويلة للحصول على قنينة ماء ..و لم نسمعهم ينذمرون او يتخاصمون او يتدافعون ..اطفال غزة الذين يتعرضون للقصف و يصابون بالجروح يجلسون في قاعات العلاج يحبسون الدموع و ينتظرون ان يأتيهم الطبيب ..سأل صحفي طفلا فلسطينيا عن حلمه عندما يكبر فقال “نحن اطفال فلسطين لا نحلم بالمستقبل فنحن لا نعيش لاجل ذلك “..احد الاطفال لم يتجاوز الثالثة قال انه يريد الشهادة لانه جائع و هو يعتقد أن هناك في الجنة ما يكفي من الخبز …لم يطلب اكثر من الخبز فهذا كل ما يريده .. أكيد ان لكل طفل من اطفال غزة حكاية يجب ان تدون و توثثق و تنقل فاطفال غزة ليسوا مجرد ارقام في سجلات المنظمات الانسانية ..اطفال غزة اسم و عائلة و هوية سيتعين ان تظل في الذاكرة و لا تندثر مع الزمن … حكايات اطفال غزة في محنتهم الراهنة و هم يواجهون الة القمع الاسرائيلي التي تواصل عمليات الانتقام الجماعي و التشفي وحصد ارواح في محاولة لمسح تفاصيل ما حدث في السابع من اكتوبر الماضي بقيت عاجزة أمام صمود الفلسطينيين هذا الشعب الذي استحق صفة شعب الجبارين و استحق معه اطفال غزة ان يكونوا الابطال التاريخيين لكل المعارك و هم الذين يقدمون لنا كل يوم دروسا يعجز عنها اكبرالاخصائيين و الخبراء في علم النفس ..
رغم قسوتها وبشاعتها فان الفيديوهات المتواترة عن اطفال غزة منذ بداية العدوان على اهل القطاع قبل اربعين يوما تستوجب متابعتها و تأملها جيدا لانها تأتينا محملة بدروس لا تقوى عليها اكبر المدارس و الجامعات في العالم .. اعترف أني حاولت تتبع ردود الافعال المسجلة لاطفال غزة الواقعين تحت القصف ليلا نهارا منذ اربعين يوما اليوم و جلها ردود افعال طبيعية لدى أي طفل يشعر بالخوف و الرعب ازاء مظاهر القتل و التدمير اليومي …
سياتي وقت يتعين معه تدوين حكاية كل طفلة او طفلة فلسطينية مع هذه الحرب الاسرائيلية الجائرة و توثيق تفاصيل حكاية كل طفال فلسطيني مع المعاناة اليومية و القصف و الترهيب و التدمير و قتل العائلات ..
الاكيد ان جيش الاحتلال يجد له سندا مهما في ممارساته و خروقاته و اعتداءاته على ابسط قواعد حقوق الانسان الفلسطيني مدعوما من العقلية الاسرائيلية العنصرية المتطرفة في هذه الحرب كما في سابقاتها لم تتغير مع الزمن و هي عقلية سادية و قد كشف استطلاع للراي نشرت اول امس أن أغلبية الاسرائيليين تؤيد منع إمدادات الغذاء والدواء والكهرباء عن القطاع…

نقلا عن رأي اليوم 

خميس, 16/11/2023 - 13:04