مائة و اربعون يوما من القصف العشوائي المستمر ليلا نهارا بكل انواع السلاح بما في ذلك المحرم دوليا حتى ان بعض التقارير تؤكد ان ما يحدث يتجاوز حجم ما استعملته امريكا من قنابل في هيروشيما … مائة واربعون يوما واكثر من مليوني فلسطيني في قطاع غزة يتعرضون لابشع انواع الجرائم والعقوبات الجماعية.. مائة واربعون يوما والعالم يتابع ما يجري لحظة بلحظة.. مائة واربعون يوما و صحفيو غزة يواجهون المخاطر وينوبون العالم في تامين نقل وفضح ما يحدث لاطفال ونساء وشباب وشيوخ القطاع وللمصابين والجرحى و للمنظمات.. مائة واربعون يوما والة القتل الاسرائيلي المدعومة من قوى الغرب تدمر المدارس والمستشفيات والمساجد والجامعات والكنائس وقبل ذلك دمرت البيوت والمساكن ولاحقت الاهالي في كل مكان تطلب منهم التوجه اليه حتى لم يعد في غزة مكان امن …
مائة واربعون يوما و العالم يناشد و يستجدي الاحتلال وقف العدوان دون جدوى …
مائة اربعون يوما من العدوان توجها الاحتلال بنسف بيت الزعيم الفلسطيني الراحل ابو عمار تدميرا كاملا بعد ان كانت مزاراً لزعماء وقادة العالم ومن بينهم الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون…دمروا البيت بما فيه من وثائق و مستندات و صور لجيل باكمله من المناضلين من رفاقه وكأنهم ينتقمون من ياسر عرفات في قبره …
مائة و اربعون يوما من التوحش حتى اعتقد الجلاد ان ترويض غزة امر حاصل و ان تطبيع الرأي العام الدولي مع ما يجري قادم ..
مائة و اربعون يوما حرصوا على تحويل انظار العالم على مأساة عزة والضفة والقدس مع الاحتلال وجرائمه وعنصريته وتحويلها الى قضية رغيف من الخبز والى شعب مهدد بالجوع اقصى طموحاته الحصول على ما يسد الرمق و هو يجمع الحنطة الملوثة بالتراب و يجمع الاعشاب و الزعتر ويطحن الاعلاف لصنع الخبزو يتدافع للوصول الى ما سمح بادخاله من مساعدات فيما تتعمد قوات الاحتلال ترصده و استهدافه و تتلذذ باصابته و قتله و تلويث رغيفه بالدم …هذا ما يريدونه او ما يعتقدون ان اعين العالم تراه… ولكن الواقع ا ناعين العالم لا ترى في غزة غير الصمود والثبات والتمسك بالكرامة وبانسانية الانسان… يموت اطفال غزة بل و كل الاجيال تحت القصف او يموتون جوعا او من البرد و لكنهم لا يقبلون بالذل والمهانة… اذا تكلم اطفالهم تحسبهم حكماء لقوة ارادتهم و فصاحتهم و اذا اصيبت نساؤهم يسدلون العباءة على الجراح حتى لا يرى المهم ووجعهم احد ..يدفنون شهدائهم ويواصلون معركتهم.. وكلما حسبن انهم احبطوا او فقدوا الامل الا وعادوا اقوى و اشد مما كانوا …غزة ملح الارض كما تحدث المسيح لاتباعه وهي من يلقن العالم اليوم اعظم درس في تاريخ احتضار الانسانية التي نزعت عنها غطاء القيم المشتركة …
ورغم كل الماسي المؤثقة في غزة و رغم حجم المعاناة التي قد لا تقوى الجبال على تحملها لم ينجح الاحتلال في ترويض الفلسطينيين ولا في اخماد صوت المجتمع الدولي الذي يواصل بمختلف مكوناته المظاهرات و الاحتجاجات رفضا للجريمة …
هل حقق الاحتلال مكاسب من وراء هذا العدوان , بالتأكيد حقق اكثر من مكسب فقد سقطت صورة و مصداقية كيان الاحتلال في الحضيض وباتت اسرائيل وحكوماتها تواجه الاتهامات بالابادة الجماعية و تلاحق في المحاكم الدولية وباتت جرائم ناتنياهو و زمرته تتصدراهتمامات الاعلام العالمي …
صحيح ان الفيتو الامريكي منح كيان الاحتلال مجددا الحصانة والضوء الاخضر لمواصلة جرائمه و صحيح انه يحظى بدعم و غطاء الادارة الامريكية و مؤسساتها و صحيح ان الة القتل و الدمار الاسرائيلية تواصل حصد الارواح و صحيح ان الظلم مستمر…و لكن صحيح ايضا ان التضليل الاسرائيلي و الغربي والتسويق لاسرائيل الديموقراطية الوحيدة في الشرق الاوسط و الترويج لاخلاقيات جيش الاحتلال سقط نهائيا وان حتى الدول و العواصم التي لا تزال تدعم هذا الكيان باتت متحرجة امام مواطنيها واعلاميها ومؤسساتها الحقوقية ودافعي الضرائب الذين بدأوا يطالبون بالتوقف عن تسليح اسرائيل …
مائة و اربعون يوما من الابادة تبقى غزة شكة في حلق الاحتلال و تبقى غزة بنساءها واطفالها وشبابها وكل ما فيها البوصلة و ملح الارض …
نقلا عن رأي اليوم