زووم الصحراء.. غداء الإليزيه ..أفق العودة الفرنسية من البوابة الموريتانية

الصمدر: الصحراء

بحسب صحيفة "آفريك- انتيلجينسي سيكون الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني الذي يتولى الرئاسة الدورية للاتحاد الافريقي في باريس بعد غد الاربعاء  ضيف مأدبة غداء على الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرو، وعلى جدول الأعمال عديد الملفات الافريقية الساخنة التي يسعى الفرنسيون لوجود سبل ما للتعاطي معها في ظل وضع استراتيجي مستجد؛ وجدت فيه فرنسا نفسها دولة منافسة بشراسة؛ بل وأحيانا غير مرغوب فيها؛ وخصوصا بمنطقة الساحل.

في زوم الصحراء هذا الأسبوع نستشرف أفق تحولات علاقة باريس بفضاء نفوذها الاستراتيجي الآخذ في التمرد عليها؛ والدور الواقع والمتوقع لانواكشوط في هذه التحولات.

 

سياق اللقاء..
غداء باريس المرتقب يوم الخميس مع الرئيس الدوري للاتحاد الإفريقي يأتي في خضم تحولات ذات علاقة من أهمها:

✔️ اقتراب ما يوصف في فرنسا بمراجعة استراتيجية الوجود العسكري في القارة من نهايته؛ وهي الاستراتيجية التي بدأتها باريس منذ أشهر مع بلدان ما زالت تحتفظ بقواعد عسكرية كبيرة (الحديث هنا يدور بشكل خاص عن السنغال، وساحل العاج، والغابون).
وقد قام الفرنسيون  بهذه المراجعة بعد مغادرتهم القسرية لثلاثة من بلدان الساحل هي: بوركينا افاسو ومالي والنيجر.
✔️ الاتساع المتسارع لعلاقات موسكو في مناطق النفوذ التقليدي لفرنسا، وهو المسار الذي تتجدد سرعته مع إعادة انتخاب الرئيس الروسي بوتين لمأمورية جديدة، وكذا مع تشكيله فيلقا جديدا للقيام بمهام الميليشيات المثيرة للجدل، وهو الفيلق الإفريقي الذي وصلت طلائعه ليبيا ووسط افريقيا والنيجر.

وفي أخبار الأيام الأخيرة برقيات عن اتساع دائرة التعاون بين روسيا ودول الحلف؛ ليضيف إلى المجالات العسكرية والأمنية مجالات الطاقة؛ فقد تم استقبال مدير شركة نوفاويند الروسية، غريغوري نزاروف، الخميس 23 مايو 2024 من قبل رئيس المرحلة الانتقالية، في مالي العقيد آسيمي غويتا.  وشدد هذا اللقاء، الحافل بالوعود والالتزامات كما وصفته وسائل الاعلام المالية؛ على أهمية التعاون بين باماكو وموسكو في مجال الطاقة المتجددة، مضيفة أن اللقاء تميز بمناقشات مثمرة حول الفرص التي يوفرها مشروع محطة سانانكوروبا للطاقة الشمسية.  وفي الواقع، تمثل هذه المحطة، التي تبلغ طاقتها المخطط لها 200 ميجاوات، خطوة مهمة نحو تنويع مزيج الطاقة في مالي؛ وتقليل اعتمادها على الوقود الأحفوري."

✔️ وسبقت زيارة الرئيس غزواني المرتقبة لباريس؛ زيارات قام بها عدة رؤساء أفارقة لانواكشوط (من هؤلاء رؤساء: بوروندي والكونغو والسنغال، إضافة إلى زيارة قائد أركان الجيش المالي).
✔️ وصول نظام سياسي جديد للحكم في دولة من أهم دول القارة، يمتلك رؤية مختلفة للعلاقة مع فرنسا (نتحدث عن السنغال التي اختار رئيسها أن يكمل على مهل برنامج جولة في المحيط الإفريقي قبل أن يتوجه غربا؛ وخصوصا إلى باريس التي تعودت أن تكون القبلة الأولى لرؤساء السنغال المنتخبين).

 

على المائدة..
في هذا السياق إذا يأتي لقاء يتضح من خلال جدول أعماله أن الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني يحضره بصفتيه؛ رئيسا لموريتانيا، ورئيسا دوريا للاتحاد الافريقي:

✔️ بصفته رئيسا لموريتانيا سيكون موضوع الانتخابات الرئاسية الموريتانية المرتقبة بعد شهر من انعقاد اللقاء حاضرا حتى ولو لم يحضر؛ فاللقاء في هذا التوقيت رسالة تأكيد من الطرفين على أهمية العلاقة وخصوصيتها.
✔️ وبالصفة الافريقية ستحضر ملفات القارة وأزماتها التي ربما تسعى باريس للدخول عليها من بوابة الرئاسة الموريتانية؛ لاستعادة دور لم تعد ممارسته متاحة بذات السلاسة التي كانت متاحة من قبل.
الأزمات في السودان، وفي الكونغو، والمراحل الانتقالية المتعثرة في بلدان الحلف الروسي؛ وحتى الأزمة بين موريتانيا ومالي؛ واستراتيجية إعادة الانتشار الفرنسي، كلها ملفات يتوقع أن على مائدة الغداء الإليزي المعبر عن تشبث فرنسي بدور قد تلعبه نواكشوط خلال الأشهر المتبقية من رئاستها الدورية للاتحاد الافريقي.

وهنا سيكون على نواكشوط أن تبحث عن طريق يضمن لها:
☑️ تعزيز موقعها دولة مؤثرة في محيط يشهد تحولات وتجاذبات حادة.
☑️ دون توريط نفسها في تخندقات دولية وإقليمية حادة.

وهو أمر مع صعوبته ليس مستحيلا بالمرة؛ خصوصا مع تجذر دبلوماسية "الحياد الإيجابي" التي تبدو  من الأسس الغالبة على السياسة الموريتانية في الكثير من الحالات.

ثلاثاء, 28/05/2024 - 15:49