زوم الصحراء (70): البرلمان يجيز حكومة ولد أجاي.. الثقة في خضم التدافع

وصفها مراقبون بأنها من أكثر جلسات البرلمان سخونة وقوة خلال السنوات الأخيرة، وانتهت بمنح الثقة لأولى حكومات المأمورية الجديدة للرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني بقيادة الوزير الأول المختار ولد أجاي.

 

مشاريع ووعود قدمها الوزير الأول بأفق زمني كان واضحا أنه محكوم بالمائة يوم الأولى؛ والسعي لتشكيل صورة خلالها عن ملمح الإنجاز الذي تراهن الحكومة -فيما يظهر - أن يكون قيمتها المضافة  على حكومتي ولد الشيخ سيديا وولد بلال.

 

في زوم "الصحراء "هذا الأسبوع نستطلع أولويات الحكومة الجديدة، كما قدمها أمام البرلمان وزيرها الأول، وندقق في الملامح قيد التشكل لمشهد واضح أن التدافع على أكثر من صعيد سيكون من ميزاته الأساسية.

 

حكومة العهدة الثانية
ظل الوزير الأول الجديد ولد أجاي يوصف لدى العديد من المتابعين بأنه رجل إنجاز ومتابعة؛ وظلت لمساته تظهر في كل مكان مر عليه الرجل العصامي:
✔️ نتائج الانتخابات التشريعية ومن بعدها الرئاسية وما يعتبر الداعمون للرئيس أنه مكتسبات مهمة تحققت في العاصمة؛ وفي عديد المدن كان للرجل باعتراف خصومه دور أساسي فيها.
✔️ ثم إنه - وهذه الأهم في ميزان الترجيح على الغالب- يمتلك قدرات في الإنجاز من الواضح أن الرئيس غزواني ظل يتطلع إلى من يسعفه بحصيلة مجزية في العهدة الثانية.

 

ليس بالصدفة
لم تكن طريق ولد أجاي إلى رئاسة الحكومة مفروشة بالورود، ولم تكن بالصدفة مطلقا، فالرجل كان يحضر نفسه طوال سنوات للمسؤوليات السياسية الحرجة، لذلك فقد التقى فيها عاملان عززا حظوظه لدى الغزواني، بل أبقياه وحيدا بلا منافس:
✔️ اختار الرئيس غزواني وزيره الأول بعد تجربة طويلة نسبية، فكما اختاره للديوان بعد تحضير واختبار، فقد اختاره للوزارة الأولى بعد تحضير مكثف وامتحان صعب استمر أزيد من عام.
✔️ بعدما حصل غزواني على الشرعية السياسية والدستورية، حيث طبع المشهد العام وحاز ثقة الناخبين، ظل يحتاج إلى شرعية ثالثة تسند وتعزز، وهي شرعية الإنجاز، لذلك حين فكر وقدر استقر لديه أن مدير ديوانه هو القادر على كسب الرهان، فاختباره للمهمة الصعبة رغم إكراهات الجغرافيا والتوازنات.

 

برنامج الأولوية
وفيما يظهر تأكيدا لإدراك الرجل لخطاب تكليفه حدد مشاريع وخطوات تقدم بها للبرلمان مع التزام إكمالها قبل نهاية العام.

هي خمس أولويات إذا حددها ولد أجاي لعمل فريقه الحكومي في الأشهر المتبقية من العام نص عليها في فقرة من برنامجه جاء فيها "وفي انتظار إعداد السياسات القطاعية وتعبئة الموارد المالية الضرورية ستتركز أولويات العمل الحكومي خلال الأشهر المتبقية من العام 2024 في خمس ورشات أساسية:
أولا: تسريع إنجاز المشاريع الكبرى الجاري تنفيذها حاليا؛
ثانيا: رفع كل التحديات التي تعيق أو تبطئ إطلاق بعض المشاريع الأخرى التي اكتملت تعبئة الموارد الضرورية لتنفيذها؛
ثالثا: تصور وإطلاق برامج عاجلة لتحسين ظروف المواطنين؛
رابعا: إشراك المواطنين في متابعة ومراقبة العمل الحكومي،
خامسا: إطلاق بعض الدراسات الضرورية لتنفيذ الإصلاحات الاستراتيجية التي ورد ذكرها في إعلان السياسة العامة للحكومة."

 

تدافع وقواعد اشتباك 
منذ اللحظة الأولى للنقاش الذي انطلق في الساعات الأولى من يوم السبت ولم ينته إلا في وقت متأخر من ليل السبت احتدم النقاش حول نقاط رئيسة:
✔️ الحرب على الفساد؛

ركز نواب المعارضة على أن موضوع الفساد مازال شعارا، وهي تهمة دفعها ولد اجاي بما اعتبره وجود الإرادة والصرامة الضروريتين للحرب على الفساد، محذرا من تمييع الاتهام بالفساد، والسقوط فيما سماه خطاب التعميم الظالم.
✔️ ملفات الوحدة الوطنية؛
وكان لافتا الحضور القوي لملفات الوحدة الوطنية بما فيها تلك التي يتحدث عنها بتورية مثل ملف الإرث الانساني؛ إذ من الواضح أن الوزير الأول الجديد معني بإيصال رسالة خلاصتها أن لديه ما يقدمه في الموضوع، وهو العرض الذي استقبل بإيجابية مشوبة بمزيج من التشكيك والحذر وتقديم مقترحات تضمن أن تكون الحلول جدية ومختلفة عن السابق.
✔️ الشباب والهجرة؛ 
قضايا الشباب وتشغيله، والهجرة بشقيها من البلد وإليه حظيت بتدافع وتداول واسع في الجلسة النقاشية الطويلة؛ بين وعود الحكومة بالتصدي للمشكل؛ واعتبار المعارضين له أبرز الأدلة على فشل برنامج " التعهدات " في نسخته الأولى.

 

.. وفي الانتظار
في نهاية يوم طويل من النقاش استعاد فيه المعارضون قوة في الطرح، وظهر فيه الوزير الأول قوي الحضور في طرحه؛ مدركا للرهانات التي تنتظره، يمكن استشراف مشهد سياسي مستقبلي:
✔️ تراهن فيه الحكومة على الإنجاز في مجالات البنية التحتية والوحدة الوطنية والمجال الخدمي.
✔️ وتستعيد المعارضة موقف الوضوح والقوة في مواجهة نظام تسعى للاستفادة من تبايناته الداخلية ومن مؤشرات التصويت في الانتخابات الأخيرة التي أظهرت أن الصوت المعارض يبحث في المدن الكبيرة على الأقل عن من يحمله بحقه.

اثنين, 09/09/2024 - 10:30