ضحكتك تسعدني يا وطني .. !

المختار محمد يحيى

مؤخرا خرج عشرات الآلاف من الشعب الموريتاني في مسيرة عملاقة تحمل خطاب لا للكراهية ولا للتمييز، كنت من بين من خرج في المسيرة حاملا كاميرتي، باعتبارها مسيرة تاريخية، سيكون لها ما بعدها في مستقبل البلاد، وسطرا جديدا في قائمة إنجازات رئيس الجمهورية.

ولعلنا لم نلبث كثيرا إلى أن سمعنا خطابات تدعو إلى التضييق على فئات اجتماعية تقوم بحقها الطبيعي في عيش ثقافتها الخاصة التي ينص عليها الاعلان العالمي لحقوق الإنسان في مادته 22، والمادة 27.

يجب أن نعرف أنه حين ندافع عن حقوقنا التاريخية أو الحالية، فلا يجب أن نمس من حقوق آخرين، فليس من أخذ حقنا الآخرون كلهم، بل واحد منهم، أو جزء منهم، وأجدر أن حقنا ضائع، يجب أن نحصل عليه دون أن نقع في نفس ما يؤخذ على منتهكي حقوق الإنسان.

فكل المنتمين إلى الوطن معنيون بالدفاع عن حقوق بعضهم البعض جميعا، لأن من أخذ حقه، لا ينزع شيئا من أحد وإنما يستعد للعيش على قدم المساواة مع الجميع.

التراث والتاريخ تم تسجيله بكل ما فيه من إشراقات ووصمات عار، على حد السواء، ومن الصعب أن نعود للتاريخ لتنظيفه وتعديله، بحسب علمي حتى الآن، ولكن علينا أن نغير المضارع الآني ليستجيب لقيم الإنسانية، لضمان مستقبل أفضل لجميع الموريتانيين.

لن أثبت إنسانيتي من خلال التقليل والتحقير من فئات أخرى، فذلك هو بالفعل الكراهية والتمييز التي يجب أن نتخلى عنها جميعا وليس شعارا حكرا على لون من لون، وإنما هي مرض ينتشر ذو عدوى سريعة، لا تبقي ولا تذر، تهدم المجتمعات وتنفي سبب بقاء الحضارات.

كما يحتفل البعض ببندقيته وركوبه للخيل، يحتفل آخرون بكتبهم وألواحهم الخشبية ودواوينهم، وآخرون يحتفلون بإنتاجاتهم الفنية من مصنوعات ومزخرفات، وأشعار محفوظة، كذلك يحتفل آخرون بموسيقاهم الأقوى على التأثير في النفس، كل حسب فنه وذوقه.

ومجموع هذه الملابسات الثقافية هي ابتسامة عريضة للوطن وضحكة، تجعل قادم أيامه مكللا بالزهور،  تاريخ موريتانيا هو تاريخنا وتراثنا جميعا، كما أن الحاضر حاضرنا نبنيه لنعرف شكل المستقبل.

فتراث العرب وبنادقهم من تراثي وجزء من تاريخي، تماما كمطرقة وسندان الصانع التي منها جهز الجيوش، وأعال أسرته، بفخر واعتزاز وبكرامة، هي من تراثي، كما أن قفزات النساء في رقصة "الركيي" الضاربة في القدم جزء هام من فلكلوري الشعبي والوطني العام، وكل فئة اجتماعية لها ما يميزها من ثقافتها وتراثها، يجعلنا أغنياء بالاختلاف الذي هو عملة القوة القوية، وسند الشعوب للرقي والتطور.

وإذا نظر إلى الثقافة باعتبارها خصوصية للبعض، ولم تعطها حقها من الاحترام فذلك هو الكراهية بعينها والتمييز على أساس الاختلاف، ولأنها نتاج آلاف السنين، وحملها جيل بعد جيل،  حرية بالاحترام والتقدير والرفع فوق الرؤوس.

أن تضمر الكره حين ترى ملابسات حياته، أن تحقد عليه حين تراه يضحك أو يعيش بسعادة، ذلك مرض وحقد اجتماعي يجب أن نجابهه جميعا، فنحن جميعا معرضون أن نكون ضحايا تمييز وعنصرية، وأن نكون ضحية كراهية ملعونة.

خميس, 24/01/2019 - 18:55