يبدو أن هياج انقلاب الصورة يتجاوز الأنماط الكلاسيكية للتّفاهة. العالم يتغير باتجاه أخطر أشكال الميتامورفوز. نصيب المثقف من ذلك كبير، ليس لأنه مثقف وكفى، بل لأنه اختفى من المشهد، وهي السانحة التي انتهت إلى تمكين السيمولاكر من الهيمنة على الأصل.
من السهولة بمكان تدويخ الرأي عام، قلب الحقائق، الهروب إلى الأمام، لكن سيظل الوفاء للحقيقة آخر ما تبقى من القيم في اجتماع ذلك الكائن الموصوف بالإنسان: ككائن سياسي. هذا التعريف سيندثر مع التطور الدارويني لكائن هارب من ماهيته.
إنّهم ليسوا في مستوى تدبير أزمتهم، إنهم ويا للأسف لهم وفاء شديد لهزيمتهم ولشروطها النظرية والتطبيقية. القضية التي يغفل عنها تيار الهزيمة بعناد، هي أنّنا أمام انهيار نسقي له مبتدؤه في العقل السياسي العربي وله خبره في هذا الاحتراق في الواقع العربي.
في هذا الشّرق الأوسط، في بؤرة هذا الاحتراق، وفي ذروة الصراع، تتصادم كبرى المصالح، وتطفوا في الوقت بدل الضائع مفارقات السياسة الدّولية. هناك ينعقد لقاء بين قطبين، ويبدو السؤال الملح: ماذا في وسع واشنطن أن تقدم لروسيا والعكس صحيح؟